حسين عبد الحسين: قلل خبراء اميركيون من اهمية توصل بلادهم وليبيا الى صفقة ستؤدي الى تطبيع العلاقات بين البلدين، معتبرين ان الزعيم الليبي معمر القذافي «يسعى لزيارة واشنطن او الى استقبال رئيس اميركي في طرابلس، وان اي صفقة غير ذلك لن تطمئن القذافي الى النوايا الاميركية».
وكان مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى دايفيد وولش قال للصحافيين، في جلسة طاولة مستديرة في الوزارة فور وصوله من ليبيا مساء الجمعة، انه «متفائل» بالاتفاق الذي تم التوصل اليه مع الليبيين بانشاء صندوق مستقل سيسدد التعويضات لاهالي الضحايا وللمتضررين من تفجيرات لوكربي وملهى برلين، وكذلك لاهالي ضحايا الغارات الاميركية من الليبيين العام 1986.
وتصل اموال التعويضات الليبية لاميركيين ما يقارب المليار دولار، ويتوقع ان تسددها الحكومة الليبية، فيما لم يحدد وولش كمية الاموال التي سيدفعها الاميركيون لليبيين، لكنه اوضح ان «التعويضات الاميركية لن تأتي من الاموال الحكومية بل من اموال متبرعين».
وعندما حاول الصحافيون تكرار سؤال من يكون هؤلاء المتبرعون، التفت الى احدى الصحافيات وقال لها: «انت يمكنك ان تتبرعي لتمويل هذا الصندوق».
وفي الماضي، ابدت شركات البترول، التي من المتوقع ان تتهافت على عقود مع الحكومة الليبية استعدادها تمويل مشاريع تتعلق بليبيا. وفي مايو الماضي، عقد مركز ابحاث «ميدل ايست انستيتيوت» مؤتمرا عن العلاقات مع ليبيا مولته، «المؤسسة العالمية لدراسات وابحاث الكتاب الاخضر»، وشركات بترول اميركية من امثال شركة اكسون.
يذكر ان ليبيا دأبت على انفاق ما يفوق المليون دولار سنويا، في السنوات القليلة الاخيرة، لتحسين صورتها في واشنطن وانشأت مجموعات لوبي. ويدعم اللوبي الليبي لوبيات شركات النفط التي تسعى دخول السوق الليبية، في حال تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا.
وقال وولش انه عقد لقاءات مع القيادة الليبية على كل المستويات، من ضمنها لقاء جمعه والقذافي. واضاف انه «يتوقع تطبيع العلاقات وان مجلس الشيوخ في طور الموافقة على ارسال سفير اميركي الى طرابلس»، من دون ان يفصح عن اسم السفير الذي من المتوقع ان تستدعيه لجنة مجلس الشيوخ لحضور جلسة استماع في موعد قريب.
واجاب عن سؤال لـ «الراي» حول الموقف الاميركي عن سجل ليبيا لحقوق الانسان، في ضوء التطورات في العلاقة بين البلدين، بعدما كانت وزارة الخارجية دعت مرات عدة للافراج غير المشروط عن المعارض الليبي المعتقل فتحي الجهمي اخرها في مايو، قال وولش: «لقد ناقشنا موضوعات كثيرة تتعلق بالعلاقات الثنائية بين بلدينا ويعرف الليبيون ان الموضوع الذي ذكرته يبقى موضوع قلق لنا».
واضاف: «كذلك ناقشنا موضوعات اخرى تتعلق بوكالة الطاقة الدولية ومواقفنا في مجلس الامن وايران». وقال: «كما ناقشنا موضوعات كالسودان وتشاد وموريتانيا».
بدوره، قال الديبلوماسي السابق والباحث في مركز ابحاث «ميدل ايست انستيتيوت» واين وايت، في مقابلة اجرتها معه «الراي»، ان «عملية تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا تبدو انها قد تجاوزت عقبة كبيرة». وتابع وايت الذي انهى عمله مع وزارة الخارجية مع نهاية العام 2005، «لكن علينا ان نتذكر دوما انه بدا وكأن التطبيع كان على الخط السريع في غمرة تحسن العلاقات بين البلدين في العام 2003، الا ان عملية التطبيع توقفت في حينها».
وعزا التباطؤ في تطبيع العلاقات الاميركية – الليبية الى جملة موضوعات ابرزها «قضايا حقوق الانسان، وديكتاتورية القذافي الغريبة النوع، التي قد تقف في وجه عملية التطبيع الكاملة».
وقال وايت: «احد الامور الذي بدا جليا لي مع نهاية التسعينات، اثناء خدمتي في الحكومة، ان القذافي كان اصبح مهووسا عمليا بانشاء علاقة شخصية مع الرؤساء الاميركيين، والى ان يتم ذلك، لن يشعر القذافي بارتياح تجاه التطبيع وسيبقى على شكه بان اميركا ستحاول قلب نظامه يوما ما، بغض النظر عن اي تبادل اتفاقيات او ضمانات يحصل عليها من كبار الديبلوماسيين الاميركيين».